من هنا مر العيد
ترى لماذا أصبح العيد يزورنا كالغريب
ويمر علينا مرور الكرام؟!!
(١)
منذ سنوات
كتبت مقالاً بعنوان
"تعالوا نجامل العيد"
وكنت جادة فيماكتبت
لإحساسي التام
بأن العيد
قد فقد أهميته لدى الكثيرين منا
وأصبحنا نفتح أبوابنا في وجهه
" كالضيف الثقيل"
ونستقبله فقط
من باب العادة.. والواجب!
(٢)
لكن مَن منّا
نجح أن يجامل العيد
ويحسن استقباله باسماً
ويُكرِمه إكرام الضيف العزيز
ويقضي على إحساسه بالغربة
ليلة العيد
ويحرر نفسه من همومه وأحزانه
ليلة واحدة فقط
(٣)
ترى
مالذي تغير؟
نحن؟ أم العيد؟
ولماذا تخيم علينا في ليلة العيد
سحابة من الذكرى والحنين
ونعيش حالة الإفتقاد
والبحث عن شئ ما؟
(٤)
ففي ليلة العيد
تستيقظ كل المشاعر النائمة في داخلنا
والتي ظنناها قد لفظت أنفاسها إلى الأبد
وتطرق أبوابنا كل الوجوه المهاجرة
ويرتدي الحنين أجمل حُلله
وتتراقص الذكريات أمامنا
كالقتيل الحي
(٥)
وكأننا في ليلة العيد
نتعمد أن نتذكر كي نحزن
ونتعمد أن نحزن كي نفسد على أنفسنا
متعة الفرح
وكأن الرابط بيننا وبين الحزن ازداد قوة
فأصبحنا نتجاهل الفرح من باب الوفاء
للحزن
(٦)
لماذا لا نفرح؟
ولماذا نخبئ الفرح في صناديق مغلقة
وندفنه في غياهب الجب؟
فهل أصبحنا نخاف الفرح؟
أم أن ثمن الفرح أصبح باهظاً
فأصبحنا إن فرحنا نفرح بالتقسيط
وأصبحنا إن فرحنا نتساءل
ماذا سيكون الثمن؟
(٧)
ولماذا أصبح الفرح يأتي ممزوجاً بالخوف
ونترقب بعد كل ضحكه نضحكها نبأً سيئاً
ونردد بعد كل نوبة ضحك جميلة
اللهم اجعله خيراً
وكأن الفرح أصبح مقدمة مؤقتة وقصيرة
لنوباتٍ من الحزن الأسود؟
(٨)
إذن
لابد أن نزرع كي نجني ما زرعناه
ولابد أن نتعامل مع الفرح بتفاؤل أكبر
وحماسةٍ أشدّ
ولابد أن نفي مناسباتنا الجميلة حقها من
الفرح
كي لا تطحن رحى الحزن أجمل أيامنا
أو تمتد يد الحزن إلى أعماقنا
فتسرق لحظاتنا الجميلة
(٩)
جربوا لو مرّة واحدة
أن تفرحوا ليلة العيد
وجربوا
أن تحبوا الفرح بإخلاص
كي يقيم معكم بحب واطمئنان
وجربوا
أن تضحكوا من القلب
دون أن تضعوا أيديكم
على صدوركم
وترددوا بأسى
"اللهم اجعله خيراً"
(١٠)
وأخيراً
عيدكم مبارك
فمن هنا مر العيد
ومن هنا سيمر العيد دائماً
فالعيد كالأوفياء الصادقين
لا يخلف موعده
ولايهجرنا أبدا
لِ شهرزاد الخليج.
